يجمع علم الروبوتات بين علمي الهندسة والحاسوب, و يشمل تصميم الروبوتات وبرمجتها وتشغيلها, أما الذكاء الاصطناعي فيسهم في تطويرها لزيادة الفعالية والكفاءة.
من منا لا يتمنى أن يكون له روبوت يساعده في مهام مختلفة, ولكن هل تعرف الى أي مجال تنتمي الروبوتات؟
تندرج الروبوتات تحت علم خاص يسمى علم الروبوتات Robotics واذا كنت تعتقد أن هذا العلم يعد من العلوم الحديثة فأنت مخطئ, مفهوم الروبوتات قديم جدا ويعود للقرن العشرين ولكن لم يكن بالشكل الموجود حاليا بل كان في شكل أدوات وآلات بسيطة.
كان من بين أبرز الأشخاص الذين استحضروا فكرة الروبوتات, أرسطو حيث طرح أفكارا حول الأدوات التلقائية أو الآلية في بعض من أعماله, وأيضا هنري فورد صاحب فكرة سلسلة التجميع في صناعة السيارات, قاد تقدما هائلا في الإنتاج الآلي, بالإضافة الى ليوناردو دا فينشي حيث قام بتصميم فارس ميكانيكي في أحد أعماله.
هذا يشير إلى رؤيته المبكرة للأجهزة الميكانيكية الآلية وغيرهم من الأشخاص ممن ساهموا بظهور هذا العلم مثل إيزاك أسيموف, الكاتب الأمريكي الذي قام بدور بارز في تشكيل مفهوم علم الروبوتات من خلال إسهاماته في الأدب العلمي, حيث قدم مفهوم "قوانين الروبوت" و كتب سلسلة من الروايات والقصص التي اكتشفت مواضيع تفاعل الإنسان مع الآلة وتقدم التكنولوجيا. [1]
كانت الروبوتات الصناعية أول أشكال الروبوتات آنذاك, حيث تميزت بقدرتها على تقليد حركات الإنسان ولكن بسرعة ودقة الآلة على الرغم من أنها لم تكن تمتلك شكل الإنسان. سنعرض في هذا المقال مفهوم علم الروبوتات وأبرز التكنولوجيا المستخدمة فيه, بالإضافة الى أبرز تطبيقاته.
ينفصل علم الروبوتات عن علم الذكاء الاصطناعي فهو يدمج بين علمي الهندسة والحاسوب, مثل الهندسة الكهربائية والميكانيكية, وتبرز الحاجة الى هذا النوع من الهندسات لأن هذا العلم يشمل تصميم وتصنيع الروبوت الذي يمكن اعتباره بنية ميكانيكية ومكونات كهربائية, التي يجب برمجتها باستخدام لغات البرمجة و من ثم تشغيلها.[2]
الهدف من علم الروبوتات هو تصنيع وتطوير آلات ذكية قادرة على التفاعل مع الإنسان والاستجابة لأوامره, بالإضافة الى تمكينها من القيام بوظائف مشابهة للإنسان, واستغلالها لمساعدة البشر بطرق شتى وخصوصا في المهام التي يرتفع فيها مستوى الخطورة على الإنسان مثل البحث عن ناجين في أنقاض غير مستقرة، واستكشاف الفضاء، والمناجم، وحطام السفن. قد تحل الروبوتات محل البشر في الوظائف المملة أو المكررة كالتنظيف ونقل الأشياء وغيرها, ليتسنى لهم التركيز على أمور أكثر إبداعا.
ما هو الروبوت ؟
الروبوت هو آلة ذاتية التحكم مبرمجة على أوامر معينة, قادرة على استشعار البيئة من حولها ثم تقوم بجمع البيانات باستخدام المستشعرات, ثم تقوم بتحليل ومعالجة البيانات بطريقة منطقية ورياضية لاتخاذ قرارات تتعلق بسلوكها في البيئة المحيطة به. [3]
لكن ما الذي يجعل الآلة روبوتا؟ هل يمكننا إطلاق اسم روبوت على أي آلة, لنتمكن من تصنيف آلة على أنها روبوت يجب أن تقوم بثلاثة أمور رئيسية: الاستشعار Sense , والحساب Compute , والفعل Act
يمكن اعتبار هذه الأمور موضع الاختلاف بين الروبوتات, فمثلا تختلف الروبوتات عن بعضها بأجهزة الاستشعار تبعا للمهمة الموكلة إليها فقد يستخدم بعضها أجهزة بسيطة مثل جهاز السونار لاكتشاف العوائق وبعضها الآخر قد يحتوي على أجهزة أكثر تعقيدا.
وكذلك فيما يتعلق بالجزء المسؤول عن الحساب, إما أن يكون بسيطا يتكون من دائرة إلكترونية صغيرة, أو معالج متعدد النوى قوي أو حتى مجموعة من الحواسيب المتصلة بالشبكة.
أما عن الاختلاف الأكبر بين الروبوتات فيكون في الجزء المسؤول عن حركة الروبوت أو الفعل وهو ما يفسر اختلاف أشكالها وأحجامها, فمثلا بعضها يستطيع التحرك في المكان مثل روبوتات التنقل حيث تكون مسؤولة عن نقل الأشياء, والبعض الآخر يمكنه التلاعب بالأشياء فقط دون أن يكون له خاصية التنقل في المكان مثل روبوت ذراع صناعي في خط الإنتاج, وغيرها من الأنواع.
الروبوت وحده يبدو اختراعا ذكيا, ولكن ماذا لو أدخل إليه الذكاء الاصطناعي؟ بالفعل هذا ما حصل إذ لم يكتفي العلماء بتصنيع الروبوتات فحسب, بل أدخلو إليها خوارزميات وأدوات الذكاء الاصطناعي المختلفة و أطلق عليها اسم AI-Powered Robots, والهدف من ذلك هو زيادة قدرة الروبوتات على التعلم وتحسين قدرتها على اتخاذ القرارات في الوقت الحقيقي, والعكس صحيح فالروبوتات أيضا لها دور تطوير الذكاء الاصطناعي من خلال توفير بيانات وحالات واقعية يمكن الاستفادة منها في تدريب خوارزميات التعلم الآلي, أو من خلال استخدامها كمنصات اختبار لتقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة وهذا يساعد في تقديم تحديات وفرص لتطوير وتحسين الأنظمة الذكية. [4]
إن الزيادة في الإنتاجية والكفاءة في العمل هي إحدى الأسباب الرئيسية لإدخال الذكاء الاصطناعي في الروبوتات, فبدلا من جعل العمالة البشرية تقوم بالمهام المتكررة والمنهكة جسديا تم استغلال الروبوتات للقيام بهذه المهام, ليتيح للعاملين من البشر من التركيز على مهام ذات مستوى أعلى وأقل تعبا من الناحية الجسدية مثل البحث عن وسائل لتحسين العمليات، وحل مشاكل نظام الروبوتات المتحركة، أو تطوير أفكار جديدة.
كما أن لروبوتات الذكاء الاصطناعي دور فعال في تحسين جودة ودقة العمل, مثلا في مجال الصناعة تكون قادرة على فحص جودة المنتجات أثناء الإنتاج وعدم تأجيلها الى نهاية العملية وهذا من شأنه أن يقلل التكاليف للشركة المصنعة ويوفر الوقت.
تطبيق الذكاء الاصطناعي في الروبوت أدى الى ظهور أشكال مختلفة من الروبوتات, منها: [5]
لا يعتمد علم الروبوتات على تكنولوجيا واحدة, بل هو عبارة عن خليط من التقنيات المختلفة, منها: [6]
هناك تقنيات أخرى مستخدمة في علم الروبوتات, منها:
هنا بعض المعتقدات الشائعة حول الروبوتات:
1. استيلاء الروبوتات على وظائف الإنسان
بعض الأشخاص يعتقدون أن الروبوتات ستحل محل العديد من وظائف الإنسان، مما قد يؤدي إلى فقدان الوظائف وتأثير سلبي على سوق العمل.
2. تهديد الروبوتات للبشرية
تشكك بعض التصورات في أن الروبوتات قد تتحول في المستقبل إلى تهديد للبشرية، خاصة إذا كانت مزودة بذكاء اصطناعي قوي.
3. الروبوتات تمتلك وعيا
هناك اعتقاد بأن الروبوتات قادرة على الوعي وفهم العواطف بشكل مماثل للإنسان، وهو مفهوم قد يكون مبالغا فيه.
4. الروبوتات تتسبب في فقدان السيطرة
يثير بعض الأفراد قلقا بشأن إمكانية فقدان السيطرة على الروبوتات، خاصة إذا تجاوزت قدراتها البرمجية المتوقعة.
5. الروبوتات لا تحتاج إلى إشراف بشري
يظن البعض أن الروبوتات يمكن أن تعمل بشكل كامل ذاتي دون الحاجة إلى إشراف بشري، مما قد يثير قلقا حول السلامة والأمان.
6. كل الروبوتات تشبه الإنسان
هناك اعتقاد خاطئ في أن كل الروبوتات تأتي بشكل بشري, بينما الواقع يشمل أشكالا وأحجاما وتصاميم متنوعة.
7. الروبوتات لا ترتكب الخطأ
يمكن أن يعتقد البعض أن الروبوتات لا ترتكب أخطاء، ولكن في الواقع، هناك دائما احتمالية الأخطاء والفشل في الأداء.
مع زيادة تطور علم الروبوتات, صارت تستخدم تقريبا في جميع المجالات, من هذه الاستخدامات: [8]
قد تكون بعض المهام التي تتعلق بالفضاء خطرة على البشر مثل جمع عينات التربة على سطح المريخ أو إصلاح مركبة فضائية أثناء وجودها في الفضاء العميق, وفي حالات كهذه تظهر الروبوتات كخيار آمن، حيث لا يتعرض الإنسان لخطر فقدان حياته, تعتمد وكالات الفضاء، مثل ناسا، بشكل متكرر على الروبوتات والمركبات ذاتية الحركة لأداء المهام التي يعجز البشر عن تنفيذها, مثلا, يعد مسبار المريخ روفر هو روبوت ذاتي القيادة يتجول على سطح المريخ ويأخذ صورا لتشكيلات الصخور الفضائية، ليقوم بإرسالها إلى علماء ناسا على الأرض لتحليلها ودراستها
يمكن استخدامها خلف الكواليس في الأفلام والمسلسلات لأداء مهام مثل إدارة الكاميرا وتوفير التأثيرات الخاصة, كما يمكن استخدامها في المهام المملة والتكرارية التي لا تتناسب مع البشر في صناعة السينما كصناعة إبداعية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للروبوتات أداء أعمال بهلوانية خطيرة في الأفلام الحركية، وتستخدم أيضا في المتنزهات مثل عالم ديزني لتعزيز تجربة الزوار بالإضافة إلى تحسين الجو السحري للمكان.
تستخدم الروبوتات لتحسين دقة العمليات الجراحية، وتوفير أطراف صناعية، وتقديم علاج للمرضى، مما يفتح أفقا واسعا للتقدم, فمثلا الروبوت دا فينشي يقدم دعما للجراحين في إجراء عمليات معقدة في مناطق حساسة, ليس هذا وحسب فقد تم تطوير أجهزة روبوتية مثل الهياكل الخارجية القابلة للارتداء لتوفير دعم إضافي لأولئك الذين يخضعون لعمليات تأهيل بعد إصابات في العمود الفقري أو السكتات الدماغية، مما يعزز التقدم في مجال الرعاية الصحية.
هناك روبوتات قادرة على الطهي وإعداد وجبات كاملة, حيث يمكنها اتباع المئات من الوصفات، فيما يقوم البشر باختيار الوصفة وتوفير المكونات, شركة Moley Robotics هي إحدى هذه الشركات التي قامت بتطوير مطبخ آلي يمكن للروبوت فيه إعداد الطعام بمهارة، مما يوفر حلا لأولئك الذين لا يمتلكون مهارات الطهي.
تتيح الروبوتات إمكانية كحراس أمان، حيث يمكنها توفير حماية للبشر بدون تعريض نفسها للخطر كما يحدث مع حراس الأمان البشر, إذ تعمل بعض شركات الروبوتات حاليا على دمج الروبوتات الحارسة مع مستشاري الأمان البشريين، مثل شركة Knightscope في الولايات المتحدة، التي تمتلك روبوتات أمان ذاتية الحركة يمكنها مساعدة حراس الأمان البشر في مكافحة الجريمة بما في ذلك السرقات المسلحة والسرقات والعنف والاحتيال وحوادث الدهس.
تعتبر الروبوتات خيارا ممتازا لاستكشاف الأماكن التي يصعب على البشر الوصول إليها، مثل أعماق المحيط حيث الضغط الكبير للمياه يمنع وصول الإنسان والغواصات إلى عمق محدد, لذلك صممت روبوتات خاصة تتيح استكشاف الأماكن البحرية العميقة بشكل آمن، حيث يمكنها جمع البيانات والصور حول الحياة البحرية بفضل التحكم عن بعد.
وغيرها من التطبيقات في مجالات هامة مثل مجال الصناعة والزراعة وخدمة العملاء.
الخاتمة
في الختام، يتضح أن علم الروبوتات يشكل مجالا متعدد التخصصات يجمع بين الهندسة والحاسوب، مما يجعله تكنولوجيا حيوية في تطوير الآلات الذكية. يسهم الذكاء الاصطناعي بشكل كبير في تحسين قدرات الروبوتات، حيث يجمع بين التعلم الآلي وتحليل اللغة الطبيعية وحوسبة الحافة ومعالجة الأحداث المعقدة. تطبيقات هذا التقنيات تعزز الإنتاجية والفعالية في العمل، وتقوم بتحمل المهام المتكررة، مما يمكن البشر من التركيز على مهام أكثر إبداعا. كما تبرز أهمية الروبوتات في المجالات الخطرة مثل الاستكشاف الفضائي والإنقاذ في ظروف غير مستقرة.
في النهاية، يعكس هذا التقاطع بين الروبوتات والذكاء الاصطناعي تطورا مثيرا يعد بمستقبل مبهر لتكنولوجيا الآلات الذكية.
المصادر